منذ ظهور أداة الذكاء الاصطناعي شات جي بي تي ” Chat GPT  ” والحديث لا ينقطع عن التأثيرات التي يمكن أن تحدثها في سوق العمل وبخاصة في مجالات مثل البرمجة و صناعة المحتوى والتسويق الإلكتروني والتصميم وغيرها ، حيث أظهرت أداة chat GPT  تميزا خاصا في هذه المجالات لدرجة جعلت الكثيرين في حالة رعب من فقدان وظائفهم في المستقبل ، لذا سنناقش هذه الأداة و التبعات التي يمكن أن تُحدثها في كثير من المجالات .



أولا : من هم مؤسسو Chat GPT  ؟

هذا البرنامج من إنتاج شركة OpenAI  التي أسسها عدد من الأسماء المثيرة للجدل في مجال التكنولوجيا وعلى رأسهم مالك تويتر إيلون ماسك ” و ” سام ألتمان ” الذي ذاع صيته في عدة شركات مثل Dropbox و هو الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI  ، ليس هذا فقط بل إن الشركة العملاقة مايكرسوفت استثمرت ما يقرب من المليار دولار في هذا المشروع ، فضلا عن ” ريد هوفمان” أحد مؤسسي شركة LinkedIn  و بيتر ثيل أحد مؤسسي Paypal  .

إيلون ماسك

ثانيا : ما هو شات GPT  .. وما المختلف فيه؟

قد يقول قائل إن العالم يملك محرك بحث جوجل الذي يحتوي مليارات المعلومات ، فما هو الجديد في Chat GPT  ؟ .. والواقع أن الأمرين مختلفين تماما ، فإذا افترضنا أنك أردت البحث عن كيفية تعلم التسويق الإلكتروني ؟ .. فإن جوجل سوف يقترح لك عدد من الكتب والمقالات التي يمكن أن تساعدك على البدء في المجال ، وأنت دورك هو تصفية هذه النتائج بعد قراءتها ، واستبعاد ما هو غير مفيد منها ، بعكس Chat GPT  الذي هو برنامج شات تفاعلي تماما يحتوي على ذكاء اصطناعي قوي ، يمكنك أن تسأله عن أي شيء يخطر في بالك ومنه التسويق الإلكتروني ، فسوف يعطيك مقالة مختصرة عن الأمر ، ويبدأ في الإجابة عن أسئلتك ، بمعنى أنك لو لم تفهم جزئية معينة في مجال التسويق ، فسوف يعيد شرحها لك بمنتهى البساطة والسهولة ، وسيظل يعطيك الأمثلة والمقاربات حتى تفهم ، بعكس محرك بحث جوجل ، فلو قرأت مقالا عن التسويق الإلكتروني ولم تفهم إحدى جزئياته ، فسوف تضطر أن تأخذ هذا الموضوع الذي لم تفهمه وتبحث عنه في جوجل ، وتنقب في عدد من المواقع عن شخص يكون قد شرح تلك الجزئية بطريقة أكثر وضوحا ، مما يستهلك الكثير من الوقت والجهد ، إذن الأمران مختلفان تماما .

بحث جوجل

ثالثا: قدرات Chat GPT  :

أظهرت هذه الأداة قدرات جبارة لدرجة أثارت الكثير من الرعب في العالم ، يكفي القول أن إيلون ماسك – وهو أحد ممولي الأداة – قد منعها من الوصول لقاعدة بيانات موقع تويتر المملوك له خوفا من إثارة بعض الجدل ، ليس هذا فحسب ، بل إن غالبية مدارس الولايات المتحدة حجبت الوصول للموقع داخل مبنى المدرسة نظرا لقدراته القوية على كتابة مقالات إبداعية لا يمكن تفرقتها عن تلك التي يكتبها الباحث البشري ، وطبعا يكاد يكون من المستحيل اكتشاف أنها ليست من صنع الطالب .

المشكلة الأكبر هي قدرة خوارزميات هذه الأداة على التعلم من طرق البشر في كتابة شيء معين ، لدرجة أن بعض الأدباء اشتكوا من قدرة الأداة على تقليد الأساليب اللغوية والكتابية التي يدونون كتبهم بها !

البرنامج يستطيع كتابة كود برمجة كامل بشكل صحيح دون أي تدخل بشري ، وهذا سوف يمثل مشكلات كبرى فيما يخص المبرمجين .


رابعا: أسرار أخفاها عنك صناع المحتوى العرب بشأن Chat GPT  :

هناك بعض الأسرار المتعلقة بهذا البرنامج التي لم ترد على لسان كثير من صناع المحتوى العرب إلا نادرا ، ربما لحداثة هذه الخدمة وعدم الإلمام بكل جوانبها ، و ربما لأسباب لا نعلمها ، لكن سنقوم بشرح هذه الأسرار كي يستطيع القاريء الاستفادة منها :

1. يحتوي البرنامج على ما يقرب من 344 خدمة مختلفة ، منها إعداد استراتيجية كلمات مفتاحية لأي حملة إعلانية تريدها ، أو القيام بحملة SEO  لموقعك ، أو كتابة سكريبت لبرنامج على يوتيوب ، هذه الخدمات مؤرشفة بشكل جيد ، وتستطيع الوصول لها عن طريق تحميل إضافة موجودة في جوجل كروم اسمها ” AIPRAM For ChatGPT ” .

2. تسطيع مشاركة ما تفعله على ChatGPT  مباشرة مع أي شخص تريده ، ودعنا نفترض أنك شكلت فريقا لكتابة المحتوى لحلقات اليوتيوب ، وهذا الفريق يجب أن يكون في أعلى حالات التنسيق مع كل حلقة ، تستطيع أن تجعلهم يرون ما تبحث عنه وتكتبه على شات جي بي تي عن طريق أداة في جوجل كروم تسمى Share Chat GPT  .

3. تستطيع استخدام Chat GPT  في الرد على التغريدات في تويتر ، حيث لنفترض أنك أحد مشاهير هذا الموقع وتريد التفاعل مع جمهورك ، يمكن لشات جي بي أن يقوم بهذه المهمة بدلا منك ، عن طريق تعليقات لن يستطيع القاريء التفرقة بينها وبين أي تعليق كتبه إنسان ، وكل تعليق يتم الرد عليه بشكل مختلف حسب محتواه ، ويمكن أيضا أن تستخدمها في الرد على الإيميلات التي تأتيك عبر بريدك الإلكتروني بمنتهى الدقة والسلاسة وذلك من خلال أداة تسمى Merlin وهي موجودة على جوجل كروم أيضا .

4. يمكنك الدمج بين محرك بحث جوجل ، و Chat GPT  من خلال أداة جيدة تسمى ChatGPT for Search Engines ، حيث بافتراض أنك بحثت في جوجل عن تعريف ” التسويق الإلكتروني ” .. ستجد الإجابات الخاصة بجوجل ، وفي جزء آخر من الصفحة ستجد شات جي بي تي يجيبك ، وفي هذه الحالة تكون جمعت بين الحسنيين !



5. يستطيع Chat GPT  تلخيص محتوى أي مقطع فيديو عبر يوتيوب ، مما يوفر عليك الوقت والجهد وتسجيل النقاط المهمة داخل مقاطع الفيديو التعليمية ، ولنفترض أنك تبحث عن ” كيفية إنشاء إعلانات فيسبوك ” ، حينها ستدخل على فيديو مدته 20 دقيقة لأحد المتحدثين الذي قد يكون أسلوبه يتميز بالإطناب والإطالة ، فبدلا من مشاهدة الفيديو تستطيع تكليف ” شات جي بي تي” بمشاهدة الفيديو بدلا منك وإعطاءك خلاصة المعلومات من خلال أداة عبر جوجل كروم تسمى YouTube Summary with ChatGPT .



هل يُغني Chat Gpt  عن العامل البشري ؟

الذكاء الاصطناعي
ليس من الذكاء التقليل من قدرات برنامج بهذه القوة والزعم أنه لا تأثير له ، بالطبع سيكون له الكثير من التأثيرات على عدد من المجالات ومنها التسويق الإلكتروني و كتابة المحتوى وغيرها من المجالات ، لكن نرى أن التأثير سيطال هؤلاء الذين لا يعملون أعمالا إبداعية أو ليسوا مبدعين في مجالاتهم عموما .

نعم يستطيع شات جي بي تي أن يعطيك خطة كلمات مفتاحية جيدة لأي حملة إعلانية تريدها ، ويمكن أن يقترح عليك استهدافات معينة للمستهلكين في حملة إعلانية معينة ، لكن سيظل القرار لك أنت ، أنت الذي ستعرف ما إذا كانت تلك الاستهدافات جيدة أم لا ؟ .. هل تلبي حاجات عميلك؟ .. هل تتناسب مع ثقافة المستهلك الذي تريد استهدافه في متجرك الإلكتروني على سبيل المثال؟ .. وغيرها من الأسرار التي لابد أن يتدخل العنصر البشري فيها .

أيضا يستطيع  Chat Gpt  كتابة مقال عن أي موضوع تريده ، وبرأينا أن هذا لن يقلل الطلب على كُتاب المحتوى ، بل سيرتفع الطلب على كاتب المحتوى الجيد الذي يمتلك أسلوبا مشوقا ومنمقا ومختلفا عن تلك المقالات التي يكتبها شات جي بي تي أو أي برنامج ذكاء اصطناعي مختلف .

النقطة التي نريد التأكيد عليها أن شات جي بي تي مازال به الكثير من المشكلات ، ولا نعرف ما إذا كان سيتم تطويرها في المستقبل أم لا؟ .. لكن تلك المشكلات تدعونا للاعتقاد بأن قاعدة البيانات الخاصة بـ Chat GPT  ليست حلا لكل المشكلات مثلما يعتقد البعض .

ولإثبات هذه الفرضية ، نستعين بتجربة غريبة أجرتها إحدى مذيعات قناة العربية على الهواء مباشرة ، حيث أبلغت ” شات جي بي تي ” أنها تتعرض للإساءة من زوجها وأنها تريد نصيحة البرنامج ، هنا رد عليها قائلا إنه يجب عليها معرفة الخيارات المتاحة أمامها ، وقد اقترح عليها بعض الخيارات مثل التحدث مع الزوج أو الذهاب لمختص في العلاقات الأسرية ، أو غيرها من الخيارات .

وبصرف النظر عن بداهة هذه النصائح ، إلا أن الملاحظ أن  ” شات جي بي تي” لم يراعِ البعد الثقافي للسائل ، فالناس في الدول العربية لا يلجأون إلى مختصين أسريين في حالة الخلافات إلا نادرا ، بل يفضلون تدخل أهل الطرفين ، أو كبير القرية ، أو زعيم القبيلة ، وغيرهم .

ثانيا ، حين أجرى صانع محتوى اليوتيوب “باسم مجدي” مقطعا فيديو حاول فيه استخدام Chat GPT  لمساعدته في إنشاء فيديو قصير على اليوتيوب ، فالملاحظ أن البرنامج اقترح عليه فكرة جيدة بالفعل ، لكن تدخل “باسم” في إعادة كتابة الحلقة بالأسلوب الذي يفهمه جمهوره ويناسب ثقافته ، وهنا نؤكد أن إعداد الحلقة نفسه لم يخلو من العنصر البشري ، إذن على الرغم من أهمية هذا البرنامج إلا أنه لن يحل محل البشر ، ما لم يجد جديد .